حين ينام الجسد

تشير العبارة "حين ينام الجسد ويعمل العقل" إلى الدراسات الحديثة في علم الأعصاب التي غيرت المفهوم التقليدي للنوم على أنه فترة خمول تام للدماغ. بل أظهرت هذه الأبحاث أن الدماغ يدخل في حالة نشاط منظّم وحيوي جداً لأداء وظائف حاسمة.

​النقاط الرئيسية التي تغير "مفاهيم النوم" وتؤكد نشاط العقل أثناء نوم الجسد تشمل:

​1. وظيفة "تنظيف" الدماغ (النظام الغليمفاوي)

• ​اكتشاف عملية التنظيف: كشفت الدراسات، لا سيما تلك التي أجريت باستخدام تقنيات التصوير المتقدمة، أن الدماغ يعمل على تنظيف نفسه من الفضلات والسموم المتراكمة أثناء اليقظة.

• ​السائل الدماغي النخاعي (CSF): لوحظ ازدياد كبير في تدفق السائل الدماغي النخاعي (Cerebrospinal Fluid) الذي يندفع عبر أنسجة الدماغ أثناء النوم العميق.

• ​إزالة السموم: يُعتقد أن هذه العملية، التي تُعرف بـ "النظام الغليمفاوي"، تلعب دوراً أساسياً في إزالة البروتينات الضارة مثل "أميلويد بيتا" وبروتين "تاو"، والتي يرتبط تراكمها بأمراض التنكس العصبي مثل الزهايمر.

​2. معالجة الذاكرة والتعلم

• ​ترسيخ الذاكرة: أثناء النوم، خاصة في مراحل النوم العميق ونوم حركة العين السريعة (REM)، لا يتوقف الدماغ عن العمل، بل يقوم بـ "إعادة تنشيط" أنماط النشاط العصبي المرتبطة بالمعلومات والمهارات التي تعلمها الشخص أثناء النهار.

• ​تقوية الروابط: هذا النشاط المنظّم يساعد على ترسيخ الذكريات ونقلها من التخزين المؤقت إلى التخزين طويل الأجل، مما يساهم في تقوية الذاكرة وتحسين الأداء المعرفي بعد الاستيقاظ.

​3. التحول الديناميكي في النشاط

• ​تنسيق الأنشطة: أظهرت دراسات متقدمة أن الدماغ يمر بـ تحول منسق في نشاطه عند الدخول في النوم.

• ​خفض استهلاك الطاقة: ينخفض استهلاك الطاقة الكلي في الدماغ تدريجياً مع تعمق النوم.

• ​نشاط مناطق محددة: في المقابل، يصبح تدفق الدم أكثر ديناميكية، وتبقى مناطق حسية محددة نشطة، مما يشير إلى أن الدماغ لا "ينطفئ" كلياً، بل يعيد تنظيم أولوياته للقيام بمهام الصيانة والترميم والمعالجة.

​باختصار، النظرة الحديثة للنوم تعتبره حالة نشاط عالية متخصصة حيث لا يكتفي الدماغ بالراحة، بل يعمل بكفاءة لمعالجة المعلومات، وتقوية الذاكرة، والأهم من ذلك، تنظيف نفسه للحفاظ على صحته ووظيفته المثلى.